انطلاقا من الابعاد السياسية لهذه الخطوة تمت أمس عملية تسليم 48 صاروخا موجها محمولا على الكتف ومضاداً للدروع من انتاج الصناعات الحربية الفرنسية، في مشهدية اعطيت حجما اعلاميا لافتا، من خلال الحضور السياسي المميز عن كل ما سبق من عمليات تسليم اعتدة حربية غربية وعربية كهبات للجيش على مدى السنوات الماضية، علما ان كميات الاعتدة التي كانت تسلم في بعض الاحيان ونوعيتها تفوق ما سلم أمس. لكن صواريخ “ميلان” الفرنسية كانت بمثابة فاتحة للجسر الجوي المقرر منذ نحو سنتين في اطار هبة الثلاثة مليارات دولار التي منحها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز لتسليم الجيش اللبناني من فرنسا.
وعلمت “النهار” ان الشحنة الاولى التي سلمت من تلك الهبة والمتضمنة 48 صاروخ ميلان مع مزاحفها تم احضارها من مخازن الجيش الفرنسي على عجل، بعد التأكد من حاجة الجيش اللبناني اليها في هذه المرحلة تحديداً، ونظمت الشحنات الفرنسية العسكرية لتسلم بشكل شهري تبعا لحاجات الجيش على مدى 48 شهرا على ان تتضمن الدفعة الثانية المقرر تسليمها بعد شهر من الآن بحسب مصادر مواكبة للملف، كاميرات عسكرية ليلية وكاميرات حرارية، ثم بعد نحو سنتين سيتم تسليم الجيش 6 طائرات مروحية، وقبل ذلك سيكون سيارات وعربات مصفحة واسلحة وخوذ، وفي نهاية الصفقة يتسلم الجيش 4 بوارج للعمليات القتالية.
ولفتت المصادر الى ان برنامج الصفقة السعودية يشمل تكاليف عمليات التدريب الطويلة الامد والتي ستبدأ من ايلول المقبل وتتضمن تدريبات قتالية بين لبنان وفرنسا على المعدات وعلى الانظمة القتالية الجديدة.
الاحتفال الرسمي بتسلم الدفعة الاولى من الهبة السعودية شارك فيه نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، والسفير السعودي علي عواض عسيري وقائد الجيش العماد جان قهوجي وعدد من الضباط، وأركان السفارتين الفرنسية والسعودية. وبعد عزف الاناشيد الوطنية السعودي والفرنسي واللبناني، القى الوزير مقبل كلمة شكر في مستهلها السعودية على هبة الـ3 مليارات دولار لشراء العتاد والاسلحة، كما شكر كل الدول الصديقة التي قدمت وتقدم مساعدات للجيش ومنها الولايات المتحدة الاميركية، مشددا على “ان انتصار الجيش اللبناني على الارهاب هو انتصار ايضا لكل الدول المهددة بهذا الارهاب”. ومؤكدا على “ان وجود وزير الدفاع الفرنسي اليوم دلالة على الرابط الذي يجمع بلدينا”.
وتحدث لودريان فأكد أن “لبنان يتعرض لضغوط كبيرة لم يسبق لها مثيل من التنظيمات الارهابية مثل “داعش” و”النصرة”، ودفع الجيش اللبناني في عرسال ثمنا باهظا لتلك الحرب التي شنها عليه الارهابيون، ولبنان الذي يعرف ثمن الحرب لا يريد الانجرار الى هذه الفوضى المحيطة به، وفرنسا كانت وستبقى الى جانبه للحؤول دون ذلك”.